نورالهدي
عدد المساهمات : 17 تاريخ التسجيل : 20/12/2011 الموقع : ahbabrasolallah.yoo7.com
| موضوع: { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) } الإثنين 16 يناير 2012, 8:02 pm | |
|
{ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) } سورة التكوير .
{8} وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ الْمَوْءُودَة الْمَقْتُولَة ; وَهِيَ الْجَارِيَة تُدْفَن وَهِيَ حَيَّة , سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا يُطْرَح عَلَيْهَا مِنْ التُّرَاب , فَيَؤُودُهَا أَيْ يُثْقِلهَا حَتَّى تَمُوت ; وَمِنْهُ قَوْل تَعَالَى : { وَلَا يَئُودهُ حِفْظُهُمَا } [ الْبَقَرَة : 255 ] أَيْ لَا يُثْقِلُهُ ; وَقَالَ مُتَمِّم بْن نُوَيْرَة : وَمَوْءُودَة مَقْبُورَة فِي مَفَازَة بِآمَتِهَا مَوْسُودَة لَمْ تُمَهَّد وَكَانُوا يَدْفِنُونَ بَنَاتهمْ أَحْيَاء لِخَصْلَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه , فَأَلْحَقُوا الْبَنَات بِهِ . الثَّانِيَة إِمَّا مَخَافَة الْحَاجَة وَالْإِمْلَاق , وَإِمَّا خَوْفًا مِنْ السَّبْي وَالِاسْتِرْقَاق . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة " النَّحْل " هَذَا الْمَعْنَى , عِنْد قَوْله تَعَالَى : { أَمْ يَدُسّهُ فِي التُّرَاب } [ النَّحْل : 59 ] مُسْتَوْفًى . وَقَدْ كَانَ ذَوُو الشَّرَف مِنْهُمْ يَمْتَنِعُونَ مِنْ هَذَا , وَيَمْنَعُونَ مِنْهُ , حَتَّى اِفْتَخَرَ بِهِ الْفَرَزْدَق , فَقَالَ : وَمِنَّا الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَات فَأَحْيَا الْوَئِيد فَلَمْ يُوأَد يَعْنِي جَدّه صَعْصَعَة كَانَ يَشْتَرِيهِنَّ مِنْ آبَائِهِنَّ . فَجَاءَ الْإِسْلَام وَقَدْ أَحْيَا سَبْعِينَ مَوْءُودَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : كَانَتْ الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذَا حَمَلَتْ حَفَرَتْ حُفْرَة , وَتَمَخَّضَتْ عَلَى رَأْسِهَا , فَإِنْ وَلَدَتْ جَارِيَة رَمَتْ بِهَا فِي الْحُفْرَة , وَرَدَّتْ التُّرَاب عَلَيْهَا , وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا حَبَسَتْهُ , وَمِنْهُ قَوَّال الرَّاجِز : سَمَّيْتهَا إِذْ وُلِدَتْ تَمُوت وَالْقَبْر صِهْر ضَامِن زِمِّيت الزَّمِيت الْوَقُور , وَالزَّمِيت مِثَال الْفِسِّيق أَوْقَر مِنْ الزِّمِّيت , وَفُلَان أَزْمَت النَّاس أَيْ أَوْقَرُهُم , وَمَا أَشَدّ تَزَمُّته ; عَنْ الْفَرَّاء . وَقَالَ قَتَادَة : كَانَتْ الْجَاهِلِيَّة يَقْتُل أَحَدهمْ اِبْنَته , وَيَغْذُو كَلْبه , فَعَاتَبَهُمْ اللَّه عَلَى ذَلِكَ , وَتَوَعَّدَهُمْ بِقَوْلِهِ : { وَإِذَا الْمَوْءُودَة سُئِلَتْ } قَالَ عُمَر فِي قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا الْمَوْءُودَة سُئِلَتْ } قَالَ : جَاءَ قَيْس بْن عَاصِم إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه ! إِنِّي وَأَدْت ثَمَانِي بَنَات كُنَّ لِي فِي الْجَاهِلِيَّة , قَالَ : ( فَأَعْتِقْ عَنْ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ رَقَبَة ) قَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي صَاحِب إِبِل , قَالَ : ( فَأَهْدِ عَنْ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ بَدَنَة إِنْ شِئْت ) . {9} بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ وَقَوْله تَعَالَى : " سُئِلَتْ " سُؤَال الْمَوْءُودَة سُؤَال تَوْبِيخ لِقَاتِلِهَا , كَمَا يُقَال لِلطِّفْلِ إِذَا ضُرِبَ : لِمَ ضُرِبْتَ ؟ وَمَا ذَنْبك ؟ قَالَ الْحَسَن : أَرَادَ اللَّه أَنْ يُوَبِّخ قَاتِلَهَا ; لِأَنَّهَا قُتِلَتْ بِغَيْرِ ذَنْب . وَقَالَ اِبْن أَسْلَمَ : بِأَيِّ ذَنْب ضُرِبَتْ , وَكَانُوا يَضْرِبُونَهَا . وَذَكَرَ بَعْض أَهْل الْعِلْم فِي قَوْله تَعَالَى : " سُئِلَتْ " قَالَ : طَلَبَتْ ; كَأَنَّهُ يُرِيد كَمَا يُطْلَب بِدَمِ الْقَتِيل . قَالَ : وَهُوَ كَقَوْلِهِ : " وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا " [ الْأَحْزَاب : 15 ] أَيْ مَطْلُوبًا . فَكَأَنَّهَا طَلَبَتْ مِنْهُمْ , فَقِيلَ أَيْنَ أَوْلَادكُمْ ؟ وَقَرَأَ الضَّحَّاك وَأَبُو الضُّحَى عَنْ جَابِر بْن زَيْد وَأَبِي صَالِح " وَإِذَا الْمَوْءُودَة سَأَلَتْ " فَتَتَعَلَّق الْجَارِيَة بِأَبِيهَا , فَتَقُول : بِأَيِّ ذَنْب قَتَلْتنِي ؟ ! فَلَا يَكُون لَهُ عُذْر ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَكَانَ يَقْرَأ " وَإِذَا الْمَوْءُودَة سَأَلَتْ " وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مُصْحَف أُبَيّ . وَرَوَى عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْمَرْأَة الَّتِي تَقْتُل وَلَدهَا تَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة مُتَعَلِّقًا وَلَدهَا بِثَدْيَيْهَا , مُلَطَّخًا بِدِمَائِهِ , فَيَقُول يَا رَبّ , هَذِهِ أُمِّي , وَهَذِهِ قَتَلَتْنِي ) . وَالْقَوْل الْأَوَّل عَلَيْهِ الْجُمْهُور , وَهُوَ مِثْل قَوْله تَعَالَى لِعِيسَى : { أَأَنْت قُلْت لِلنَّاسِ } , عَلَى جِهَة التَّوْبِيخ وَالتَّبْكِيت لَهُمْ , فَكَذَلِكَ سُؤَال الْمَوْءُودَة تَوْبِيخ لِوَائِدِهَا , وَهُوَ أَبْلَغ مِنْ سُؤَالهَا عَنْ قَتْلِهَا ; لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَصِحّ إِلَّا بِذَنْبٍ , فَبِأَيِّ ذَنْب كَانَ ذَلِكَ , فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا ذَنْب لَهَا , كَانَ أَعْظَم فِي الْبَلِيَّة وَظُهُور الْحُجَّة عَلَى قَاتِلهَا . وَاَللَّه أَعْلَم . وَقُرِئَ " قُتِّلَتْ " بِالتَّشْدِيدِ , وَفِيهِ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ أَطْفَال الْمُشْرِكِينَ لَا يُعَذَّبُونَ , وَعَلَى أَنَّ التَّعْذِيب لَا يُسْتَحَقُّ إِلَّا بِذَنْبٍ ( الآن يقتل الأطفال والنساء في هذا العصر الحديث ) المصدر : تفسير القرآن الكريم للقرطبي . | |
|