محمد المصرى $$ مـشـرف عـام المـنتدى $$
عدد المساهمات : 41 تاريخ التسجيل : 21/06/2011
| موضوع: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~ الأحد 14 أغسطس 2011, 1:32 am | |
| الخوف من الله
إن الحمد لله ، أحمده تعالى و أستعينه و أستغفره ، و أعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضل له ، و من يُضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله . اللهم صلِّ على محمدٍ و على آل محمد ، كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمدٍ و على آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
{ يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا و أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } آل عمران102 { يَأَيهَا النَّاس اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكم مِّن نَّفْس وَحِدَة وَ خَلَقَ مِنهَا زَوْجَهَا وَ بَث مِنهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَ نِساءً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَساءَلُونَ بِهِ وَ الأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } النساء : 1 { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } الأحزاب 71 : 70
أما بعد ، فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى ، و إن خير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه و آله و صبحه و سلَّم ، و إن شر الأمور محدثاتها ، و كل محدثةٍ بدعة ، و كل بدعةٍ ضلالة ، و كل ضلالةٍ في النار . ثم أما بعد ، فإخوتي في الله .. إني أحبكم في الله ، و أسأل الله جل جلاله أن يجمعنا بهذا الحب في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، اللهم اجعل عملنا كله صالحاً ، و اجعله لوجهك خالصاً ، و لا تجعل فيه لأحدٍ غيرك شيئاً .. أحبتي في الله .. معذرةً ، سامحوني ، أستميحكم عذراً ، لن نتكلم في الموضوع المتوقع ( و ماذا بعد رمضان ؟؟ ) ، معذرةً ، لن نتكلم في المطروح المطلوب : ( علاج الفتور بعد رمضان ) ، نأسف جداً إننا لن نعالج قضية ( كيف نستمر بعد رمضان ؟؟ ) . إنني أتساءل ، لمن يبحثون عن علاجٍ بعد رمضان ، هل صار ديننا موسمياً ؟؟!! هل صارت عبادة الله مواسم ؟؟ صارت القضية أن هناك موسماً للعبادة ، فما تعوَّد الناس أن يكون هناك وقت للحوم ، و وقت للأسماك ، و وقت لكذا و كذا ، فجعلوا أوقاتاً لله ، ثم ينسون الله و يتركون الله ، إنها قضيةً تحتاج أن تُعالج عقدياً ، كل الناس بعد رمضان يشكون الفتور ، و كل الخطباء و كل الوُعّاظ يتكلمون : ( و ماذا بعد رمضان ؟؟ و ماذا بعد رمضان ؟؟ ) كأن في هذا إيحاءً للناس أنك يجب بعد رمضان أن تترك عبادة الله ، و تعالَ نعالجك ، هذا خطأ عقدي ، إنه كما يُقال دوماً : رب رمضان رب شوال و رب جميع الشهور ، أنت مسلم في رمضان فحسب ؟؟ هل تعرف ربك في رمضان فحسب ؟؟ إخوتاه .. دعونا من رمضان ، مضي بما فيه ، ربح من ربح ، و خسر من خسر ، اللهم اجعلنا من الرابحين الذين أعتقت رقابهم .انتهت القضية ، نعالج اليوم : الثبات على الدين ، تعميق الإيمان ، الثبات حتى الممات ، إننا بحاجة أن نثبت أمام أمواج الفتن المتلاطمة ، أمام الدنيا المزينة المزخرفة ، إننا بحاجة – حقيقةً – إلى أن نعبد الله كما ينبغي . و إنما يكون ذلك و يتركز في خطبتنا هذه ، على أمرين اثنين أذكرهما ، لا ثالث لهما ، أولهما : أن تعمل ، قال الله الملك – جل جلاله – العليُّ الأعلى : { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرَاً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتَاً وَ إِذَاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرَاً عَظِيمَاً وَ لَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطَاً مُسْتَقِيمَاً وَ مَنْ يُطِعِ اللهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقَاً ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَ كَفَى بِاللهِ عَلِيمَاً } النساء 66 : 70 نعم أيها الإخوة ، نريد أن نأتي بالآية من أولها ، فكما يقول علماؤنا : أن السياق و السباق و اللحاق من المُخيّبات ، يقول ربنا – سبحانه و تعالى - : { وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهَمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرَاً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتَاً } النساء : 66 إخوتاه ، أبشركم .. ربنا كريم . كريم ؟؟ تشهد ؟؟ أكرم الأكرمين و أجود الأجودين ، و أرحم الأرحمين ، أرحم بك من أمك ، بل أرحم بك من نفسك ، جل جلاله سبحانه .. هذا الرحيم – سبحانه – كما قال : { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ } البقرة :220 يعني لأتعبكم ، لأرهقكم ، لشدَّد عليكم ، لو شاء لفعل ، و نحن ملكه ، يفعل فينا كما يفعل المُلّاك في أملاكهم ، حقه . { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ } البقرة : 220 --- إليها هنا { وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهَمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ } النساء : 66 لو شاء الله ، لجعل الصيام طيلة السنة ، حقه .. أليس كذلك ؟؟ ولكن ، بفضله و كرمه ، برحمته و لطفه ، جعل الصيام – كما قال - : { أَيَّامَاً مَعْدُودَاتٍ } البقرة : 184 سبحان الله العظيم ، فتأتي أنت في الآيام المعدودات ، فتكون كما ينبغي ، و بعد أن تمر الأيام المعدودات .. تنسى الله ، تأخذك الدنيا في غمراتها ، و تأخذك الهموم ، هنا و هناك ، و تنسى الله ، هل تريد أن يُعنتك ربك فيفرض عليك الصيام طيلة السنة لكي تستقيم ؟؟ قال ربنا : { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرَاً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتَاً } النساء : 66 الله ! سبحان الملك ! سبحان الكريم جل جلاله العلي الحكيم ، سبحانه سبحانه افعل ما تُوعظ به ، ماذا يمنعك أُخي أن تصوم طيلة عُمرك يوماً بعد يوم ، تصوم يوماً و تفطر يوماً ، تقول لا أستطيع ! سبحان الملك ! ألست قد اتسطعت أن تصوم ثلاثين يوماً متصلة ؟؟!! كيف لا تستطيع أن تصوم يوماً و تترك يوماً ؟؟!! كيف تقول لا أستطيع ؟! تقول : لرمضان ظروفه ، أتريد أن يُديم الله عليك نفس الفروض لتتقي الله ؟ لماذا لا تقوم الليل كل ليلة قبل أن تنام أحد عشرة ركعة ، لماذا ؟؟ تقول لا أستطيع ، سبحان الملك ، ألست قد استطعت ثلاثين يوماً متصلة كل ليلة أحد عشرة ركعة ، لماذا صرت لا تستطيع ؟؟ هذه هي : { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ } النساء : 66 أين المصحف ؟؟ و قد مرَّ اليوم أكثر من نصف شهر شوال .. كم جزءاً قرأت ؟؟ كم جزءاً ممن القرآن تلوت ؟؟ لماذا لم تفعل ؟؟ { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا } .. العمل ، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم : { ما غضب الله على قوم إلا رزقهم الجدل و منعهم العمل } ، فأول سبب للامتناع عن العمل : كثرة الكلام ، إن الذي يتكلم لا يعمل ، و آفة الناس اليوم : كثرة الكلام ، كثرة الكلام ، كلام كلام كلام . حتى نستطيع أن نسمي عصرنا : عصر الكلام ، انظر كم جريدة على الرصيف ! انظر .. تلفزيونات ، قنوات و راديوهات ، كلام ليل نهار ، انظر إلى أشرطة ، و انظر إلى .. كلام ! هذا الكلام ، كثرة الكلام دليل على قلة العمل ، و إذا رأيت الرجل كثير الكلام ، معجباً بنفسه ، فقد تمت خسارته ، نعوذ بالله من الخسارة ، إذا رأيت الرجل كثير الكلام ، معجباً بنفسه ، فقد تمت خسارته . إنما لهذا أن نكُف عن الكلام ، لما سأل حكيم بن حزام رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما النجاة يا رسول الله ؟ ) فقال صلى الله عليه و سلم : { أمسك عليك لسانك ، و ليسَعْك بيتُك ، و ابكِ على خطيئتك } . و تنطلق معنا النقطة الثانية في سبب قلة العمل : الانشغال بالناس ، اللهم اكفنا شر الناس ، و اصرف عنا و عن المسلمين أذي الناس . قال ابن القيم – عليه رحمه الله - : ( و هل أضر على الناس من الناس ؟ و هل أضر على الناس من الناس ؟ ) إن الناس أضر ما يكون عليك ، فلذلك : خُذ بحظك من العزلة ، هدِّم علاقاتك و ارتباطاتك ، هدِّم معارفك و انفتاحاتك ، كُن في نفسك قدر ما تستطيع ، كما أمرك رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : { لكي تنجو ، أمسك عليك لسانك ( و .. ) و ليسعك بيتك } و ليسعك بيتك ، بمعنى : إياك أن تشعر أن بيتك ضيّق ، فتخرج إلى الشارع ، ليسعك بيتك ، استشعر أن بيتك واسع ، لدرجة أنه يكفيك ، و هذه نصية للنساء اللاتي يشكين ، يقلن لأزواجهن : أنا محبوسة بين أربعة جدران ، هات لي تلفزيون ، : أنا محبوسة بين أربعة جدران ، أخرجني لنتفسح ، نتمشى . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : { وليسعك بيتك } ، اجعل بيتك واسعاً ، والسعة .. ليس في سعة الحوائط ، كم متر في كم متر ، و إنما السعة تكون في انطلاق الروح إلى الملأ الأعلى . إن سبب ترك العمل ، قال سبحانه و تعالى : { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا } النساء : 66 { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا } .. الفعل ، الانتقال من الكلام إلى الفعل ، عوائق الفعل ثلاثة : أولها : كثرة الكلام ، فإن الذي يتكلم لا يعمل و لن يعمل ، إذا رأيت الرجل كثير الكلام فاعلم أنه لن يعمل و لا يعمل . ثانياً : الانشغال بالناس ، قال ابن عباسٍ ابن عم سيد الناس ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( أخسر الناس صفقةً من انشغل بالناس عن نفسه . ) اللهم اشغلنا بعيوبنا عن عيوب غيرنا ، اللهم اشغلنا بإصلاح عيوبنا عن رؤية عيوب غيرنا . إن كثيراً منا مشغول بالناس .. فلان منافق ، و لعلني حين قلت الآن أن كثرة الكلام دليلٌ على قلة العمل ، هجم على ذهنك مباشرةً : ( آه ، فلان يتكلم كثيراً ، فعلاً إنه لا يفعل شيئاً ) أنت .. إنني لا أريد أن تبحث عن الآخرين ، أريد أن تبحث عن نفسك أنت ، هل أنت كثير الكلام ، هل أنت قليل العمل ؟؟ أنت .. ينبغي أن يتفحص كل منا نفسه ، انشغل بنفسك ، للأسف الشديد : كثرة الانشغال بالخلق و بعيوب الخلق .. أرسل أحد تلاميذ الإمام الشافعي رسالةً له ، يشكو فيها الناس ، فأرسل إليه الإمام الشافعي الردَّ ، فقال له الإمام الشافعي – رضي الله عنه - : ( و قد استدللنا على كثرة عيوبك ن لكثرة ذكرك لعيوب الناس ، فإن الإنسان يرى من عيوب الناس بقدر ما فيه منها ) أكرر .. شرطاً أن تصلي ، صلى الله عليه و آله و سلم ، قال له : ( و قد استدللنا على كثرة عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس ، فإن الإنسان يرى من عيوب الناس بقدر ما فيه منها ) سبحان الملك ! إن الناس لا يخلو أحدٌ من عيب ، اللهم استرنا و لا تفضحنا ، و أكرمنا و لا تُهنّا . هكذا البشر .. لا يخلو إنسان من عيب ، قال الإمام الذهبي : ( ما من كبير و لا عالم و لا ذي فضل ، إلا و فيه عيب ، و لكن من الناس من لا ينبغي أن تُذكر عيوبه .) حتى العلماء ، حتى الأكابر ، بشر .. فيهم عيوب ، و لكن – كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم - : { من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا و الآخرة } اللهم استرنا و لا تفضحنا و أكرمنا و لا تُهنّا ، اللهم استرنا بسترك الجميل ، و اجعل تحت الستر ما ترضى به عنّا . نعم ، أيها الأخ الكريم ، إذا رأيت الناس يُعجبون بك ، فاعلم أنهم إنما يُعجبون بستر الله عليك ، اللهم اشملنا بسترك ، و أحِطنا بعفوك ، و اغمرنا برحمتك . الشاهد : لا تنشغل بعيوب الناس . كلما رأيت في إنسان عيباً ، فهو فيك ، لو لم يكُن فيك لما رأيته . أتدرون ..؟؟ ذاك الكهربائي ، الذي يأتي ليختبر هل المكان فيه كهرباء أو لا . معه مفك ، هذا المفك فيه لمبة ، إذا وضع المفك فنورت اللمبة ، إذاً هناك كهرباء ، أنت حين تنير اللمبة عندك ، إذاً هناك كهرباء ، حصل اتصال بينك و بين ذي العيب ، و يوجد في العيب "كلاكس" .. إذا نظرت إلى إنسان ( هذا الإنسان يتكلم كثيراً ..) أنت تتكلم كثيراً ، ( هذا الإنسان يحب المال .. ) أنت تحب المال ، ( هذا الإنسان كذاب .. ) أنت فيك نفس الصفة ، لأنها أنارت عندك ،حصل تلامس . لكن صاحب الفضل ، لا يرى .. لا يرى ، لأن عينه ، لأن عينه مرتكزةٌ على قلبه ، يُطالع فضل ربه .. فينسى الناس ، قال ابن عباسٍ: ( أخسر الناس صفقةً من انشغل بالناس نفسه ، و أخسر منه ثفقة من انشغل بنفسه عن الله ) . | |
|